شهد الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الاعلى للقوات المسلحة مساء أمس بمجلسه محاضرة للدكتور ” ديل أي كلاين” أحد الخبراء البارزين في مجال الطاقة النووية وذلك تحت عنوان ” حادثة فوكوشيما ومستقبل الطاقة النووية”.
كما شهد المحاضرة معالي محمد أحمد المر رئيس المجلس الوطني الاتحادي والفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وسمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان ولي عهد ابوظبي وسمو الشيخ الدكتور سلطان بن خليفة آل نهيان مستشار صاحب السمو رئيس الدولة ومعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي ومعالي الشيخ حمدان بن مبارك آل نهيان وزير الاشغال العامة ومعالي الشيخ سلطان بن طحنون آل نهيان رئيس هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة وعدد من الوزراء والسفراء والمهتمين بقضايا الطاقة.
وأكد المحاضر أن النموذج الاماراتي في مجال الطاقة النووية للأغراض السلمية هو نموذج مثالي و معيار ذهبي لدول عديدة دخلت هذا المجال .. وأشاد بالإمارات التي وصفها بأنها تنتهج سياسة شفافة مفتوحة عالميا وتوضح ما تقوم به أو تنفذه في البرنامج وكيف تتم التراخيص المتعلقة بذلك مشيرا الى أنها تعمل كذلك على تثقيف الجمهور بشكل جيد حول طبيعة عمل المفاعل والهدف منه واهميته لإنتاج الطاقة للأغراض السلمية.
وكان المحاضر قد بدأ الحديث مذكرا بأن يوم الاحد الماضي كان ذكرى مرور عام على كارثة فوكوشيما في اليابان حيث قدم في البداية فكرة عن اهمية الطاقة النووية وكيفية عمل محطاتها في توليد الكهرباء على المستوى العالمي وما حدث في فوكوشيما مستخدما بعض وسائل الايضاح.
كما تحدث عن السلامة والامن في المحطات النووية بشكل عام وعن النتائج المحتملة لفوكوشيما بحيث لا تتكرر مستقبلا وعن الانشطار والحركة بين النيوترونات والبروتونات وردود الافعال التي تمتص النيترونات لتجعل عملية التفاعل مستدامة ذاتيا وهي عملية تختلف عما يتم عند استخدام الوقود الاحفوري لتوليد الكهرباء.
وأشار المحاضر إلى وجود نوعين من المفاعلات في العالم ” المفاعل المائي المضغوط والمفاعل المائي المغلي” .. وأضاف إن ما حدث في فوكوشيما هو من نوع المياه المغلية غير أنه يختلف عن النوع الذي ستستخدمه الامارات.
وتساءل كيف نجعل هذه المحطات آمنة بالإضافة الى محافظتنا على البيئة مجيبا أنه لابد من الدفاع العميق أي ايجاد أجهزة ومنظومات متعددة من الاحتياطات تكون بديلا لما يعطب من الاجهزة العاملة بحيث لو وقع أي حادث يمكن احتواؤه.. وضرب مثلا بمفاعل تشيرنوبل الذي لم يكن فيه منظومة احتواء للحدث بخلاف الولايات المتحدة.
وشدد على ضرورة وجود جهة رقابية وتشريعية وسياسية تقوم بدور في مجال الطاقة مؤكدا أن الامارات توفر كل هذه الاشياء كما يتابع فيها المسؤولون عن المشروع العمل الذي يتم بطريقة امنة.
ولفت أيضا الى اهمية تدريب الكوادر لمواجهة الحوادث و معرفة خطط واجراءات الاخلاء عند وقوع أي حادث.
واشار الى وجود اسرار غامضة تلف بحادث فوكوشيما داعيا الى الاعلان عنها بعد مرور سنة عليها ليكون الناس على دراية بما يجري خاصة أن الاشعاع لا يرى ولا رائحة له ويمثل خطرا على الناس.
وقال انه في فوكوشيما لم يحدث من قبل أن أغرقت حجرات المولدات خاصة الاحتياطية بالمياه فغرقت المولدات والبطاريات ولم تكن هناك مقاومة لماء البحر /التسونامي/بسبب عدم وجود انظمة تقاوم الماء .
وقدم احصاءات بوجود 22 الف وفاة بسبب الزلزال وخسارة تقدر ب 500 مليار بينما كان التدمير شاملا حيث اختفت قرى بالكامل وهو ما ركزت عليه البيانات الصادرة ولكنها لم تذكر مدى تأثير التسرب في المفاعل.
وتحدث عن طبيعة عمل المفاعل الذي يحتاج الى مولدي ديزل وثالث احتياطي دفاعي يقوم بالتبريد ولكن بالنسبة لليابان لم يجد ذلك نفعا حيث اغرقت موجات التسونامي مولدات الديزل ودخل الماء عليها وانقطعت الكهرباء ولم تكن هناك طريقة للتبريد فذابت القضبان وهكذا فقدت طاقة الكهرباء الداخلية والخارجية.
وأشار في هذا الصدد إلى أن مادة الزوركونيوم تؤدي إلى اطلاق الهيدروجين عند ارتفاع حرارتها مما يؤدي الى ضغط متراكم يطلق الى الخارج فيؤدي الى اشعاعات وبخار وهيدروجين.
وقال ان العالم يحتاج الى الطاقة النووية لتوليد الكهرباء حيث لا يوجد شكل مثالي لذلك ولابد من تنويع الطاقة وخاصة المستدامة للأجيال القادمة لان الوقود الاحفوري سيتناقص مع الوقت.
وأشار الى وجود 435 محطة نووية في العالم منها 104 محطات تجارية في الولايات المتحدة الامريكية اضافة الى حوالى مائة محطة عسكرية بما فيها المحطات الموجودة على حاملات الطائرات والغواصات التي تعمل بالطاقة.
كما اشار الى وجود 58 محطة نووية في فرنسا و26 في الصين قيد الانشاء ويتم حاليا بناء 63 مفاعلا جديدا في العالم منها أربع محطات قيد الانشاء في دولة الامارات مؤكدا أن لهذا العدد دلالة.
وعرج المحاضر في حديثه الى ايران // التي وصفها بانها واحدة من التحديات الدولية اذ لا وضوح فيما يتعلق ببرنامجها النووي ولا وضوح بشأن السلامة والتدريب لمواجهة المخاطر// مؤكدا أن الامر ليس بيد الشركات التجارية مع العلم بأنه في حال حدوث اشعاع فلن يتوقف عند حدود إيران فقط .
ودعا دول المنطقة إلى الاهتمام بعمليات التدريب لمواجهة هذه الاحتمالات مشيرا الى ان منع ايران من التسلح النووي منوط بدول العالم كلها ولمعالجة قلق دولة الامارات لابد من الاهتمام بقضايا التدريب واجراءات الوقاية.
وأكد المحاضر أن الطاقة النووية آمنة ولكن ليست خالية من المخاطر ما يعني ضرورة الاهتمام بتثقيف الناس وتوعيتهم بهذا الامر وتوضيح سبب حاجة الدولة للمفاعل النووي مثلما هو الامر في الولايات المتحدة الامريكية حيث يتم استطلاع رأي الناس حول المحطات النووية او تلك التي تعمل بالوقود.
وفي ختام المحاضرة رد المحاضر على ما أثاره بعض الحضور حول عدد من القضايا المتعلقة بالطاقة النووية.. وحول النفايات النووية وكيفية التخلص منها او الاستفادة منها قال المحاضر ان الخبر السار هو امكانية معالجة الوقود المستنفذ ولابد من ايجاد تشكيلات جيولوجية لدفن هذه النفايات.
وتكلم عن الخبر غير السار وهو ترك هذه النفايات وعدم التعامل معها..مشيرا إلى أن بعض الدول بدأت في عملية تدوير هذه النفايات مثل فرنسا وبريطانيا والصين.
وقال ” ينبغي التخلص من هذه النفايات حيث إن المدفون في الأرض ربما لن يكون فعالا للتدوير بعد 60 سنة مثلا والتغيرات في الارض مستمرة منذ ملايين السنين ويتعامل معها العالم على أنها تكوين بيولوجي وأن الارض مدفن لهذه النفايات “.
وأضاف إن التحدي هو التأثير على تركيبة الارض ولابد من مستقر جيولوجي مشيرا الى ان السويد وفنلندا بصدد تطوير اماكن معزولة لتخزين النفايات اما في الولايات المتحدة فلا يزال البحث جاريا علما ان هناك اماكن مناسبة في ولاية نيفادا.
وقال ان من اخطاء اليابان اقامة المفاعل على ساحل معرض لتسونامي وكان لابد ان يبنى بعيدا عن وصول التسونامي اليه ولابد من النظر مستقبلا في ذلك بالنسبة للمشاريع النووية الاخرى لكل الدول.
وردا على سؤال حول مزايا مشروع الامارات قال ” يتم حاليا اضافة بعض التطويرات ولابد من معرفة طبيعة الواقع ودراسة مستوى الارتفاع عن البحر حيث لا يوجد هنا تسونامي ولابد من بناء كواسر للأمواج الشديدة .. كما أنه لابد من أن تكون البطاريات مقاومة للمياه الخارجية وان تحافظ على دورة الماء داخل المفاعل”.
أما بشأن القلق من المفاعل الايراني ومدى سلامته فقد أكد المحاضر أن هناك قلقا دوليا بشأن تشغيل الايرانيين للمفاعل النووي ولا يعرف ان كان لديهم ثقافة السلامة والتدريب ولا توجد مؤشرات تدل على انها سيئة او جيدة.
وردا على سؤال حول المنظمات الدولية وهل يمكن لها أن تصدر قوانين للسلامة وايقاف البرامج غير السلمية اكد المحاضر انه لا توجد منظمة دولية تقوم بذلك وعلى الدول نفسها الاهتمام بالأمر وأنه غير متفائل بإيجاد قوة تجبر الدول على وسائل السلامة حيث ان وكالة الطاقة الدولية لا تستطيع فرض اسس السلامة ووسائلها على الدول غير انها توفر الاستشارات والدعم الفني.
وشدد على ضرورة وضع مزيد من الضغوط والمعايير الخاصة بالسلامة وان على البلدان المستقلة ان ترتقي الى مستوى المسئولية معربا عن اعتقاده بأن وكالة الطاقة الدولية لا تشجع هذه الفكرة فهي ليست شرطة دولية او جهة رقابية ولا تستخدم القوة.
وحول ما اذا كانت هناك مخاطر اخرى بالنسبة لدولة الامارات قال المحاضر انه يجب التركيز على الجهات الرسمية والرقابية وعدم بناء المفاعل في اماكن حدوث هزات ارضية او تسونامي او اماكن هبوب العواصف الرملية والترابية والغبار او المناطق ذات الحرارة الشديدة والتأكد من أن المعدات المصممة تعمل تحت درجة حرارة عالية وبشكل سليم في مثل هذه الظروف.
وقال ان ثقافة السلامة للجمهور لا بد أن تبدأ فورا ومن الضروري استقطاب افضل العاملين في هذا المجال وضرورة نشر وتعميق ثقافة السلامة والمحافظة عليها من خلال الحوار والنقاش مشيرا الى أن اليابانيين لديهم ثقافة صناعية جيدة ويفتحون من خلالها الحوار مثال ذلك حوارهم حول العيب الصناعي في هذا الشيء او ذاك.