أكد معالي الشيخ حمدان بن مبارك آل نهيان وزير الأشغال العامة رئيس المجلس الوطني للإعلام.. اهتمام دولة الإمارات العربية المتحدة بتعزيز الهوية الوطنية .. موضحا أن قطاع الإعلام يتحمل مسؤولية كبيرة في هذا المجال من خلال دوره في تشكيل الرأي العام وتعزيز القيم والاتجاهات الإيجابية التي تضمن ترسيخ هويتنا الوطنية وتعزيزها بكل رموزها ومكوناتها.
وقال معاليه خلال افتتاحه ملتقى ” الإعلام والهوية الوطنية ” الذي ينظمه المجلس الوطني للإعلام ومركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية في مقر المركز بالتعاون مع جمعية الصحفيين في إطار احتفالات الدولة باليوم الوطني الأربعين .. إنه خلال السنوات الماضية كانت قضية الهوية الوطنية ولا تزال تشكل هاجسا كبيرا لنا جميعا في ظل التحولات التي أحدثتها تطورات وسائل الإعلام والاتصالات والتي حملت في بعض جوانبها تهديدا للهوية الوطنية بما تتضمنه من قيم واتجاهات لا تنسجم مع تقاليدنا وعاداتنا العربية الإسلامية الأصيلة .. مرحبا معاليه بالإعلاميين المشاركين في الملتقى والضيوف من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وأشار في كلمته إلى إعلان صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ” حفظه الله ” عام 2008 عاما للهوية ليشكل حافزا لتعزيز مفاهيم وقيم هويتنا الوطنية والعمل على حمايتها .. منوها بأن مجلس الوزراء بتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي ” رعاه الله ” .. تحرك على أكثر من صعيد لتعزيز الهوية الوطنية من خلال إطلاق مبادرات وبرامج تسعى لترسيخ قيم الانتماء والولاء لإبراز الوجه الحضاري والإنساني لمجتمع الإمارات.
وأعرب معالي الشيخ حمدان بن مبارك آل نهيان في ختام كلمته عن شكره للمشاركين من دول مجلس التعاون الخليجي و إلى مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية على الجهود الكبيرة التي بذلها في تنظيم الملتقى .. كما شكر جمعية الصحفيين في الدولة على مساهمتها في إنجاح الحدث معربا عن أمله أن تتولى متابعة هذا الموضوع مع الجسم الصحفي بشكل عام.
يشارك في فعاليات الملتقى نخبة متميزة من الكتاب والإعلاميين والمتخصصين من داخل الدولة وخارجها حيث عرض / 19 / متحدثا من الإعلاميين والصحفيين من دولة الإمارات تجاربهم المهنية في مجال تفاعل وسائل الإعلام ومؤسساته مع الهوية الوطنية .. إضافة إلى مشاركة خمسة إعلاميين وباحثين من ” دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ” تحدثوا عن تجارب المؤسسات الإعلامية في الدول الشقيقة في مجال تعزيز الهوية الوطنية في عصر العولمة.
ورحب سعادة الدكتور جمال سند السويدي مدير عام ” مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية ” في كلمته خلال الملتقى بمعالي الشيخ حمدان بن مبارك آل نهيان وأصحاب المعالي والسعادة والحضور .. معربا عن اعتزاز المركز بالمشاركة في تنظيم الملتقى الحيوي.
وأكد حرصه على ديمومة الشراكة المثمرة وتنسيق الجهود بين مختلف مؤسسات الدولة لتعظيم مردود العمل والإنتاج على المستويات والصعد كافة بما يعزز دور هذه المؤسسات في مسيرة التنمية الشاملة..وقال إن ملتقى ” الإعلام والهوية الوطنية ” يمثل فرصة للنقاش وتبادل الآراء والأفكار حول الهوية الوطنية و سبل تعزيزها ودور الإعلام على هذا الصعيد.
وأكد أن الأهمية الاستثنائية التي يحظى بها موضوع الهوية الوطنية من قيادتنا الرشيدة وعلى رأسها صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ” حفظه الله ” هو اهتمام ينعكس بجلاء من خلال خطط وسياسات متوازنة.
وأوضح السويدي أنه في الوقت الذي يشيد فيه العالم أجمع بكون دولة الإمارات تمثل واحة للتعددية الثقافية والتعايش بين الأديان والثقافات كافة فإنه بموازاة ذلك يوجد حرص كبير على التمسك بخصائص الذات الوطنية والخصوصية الثقافية بكل ما تعنيه من عادات وتقاليد وقيم وسلوكيات وأنماط حياتية ضمن معادلة دقيقة قائمة..مشيرا إلى أن التمسك بالهوية لا يعني بالضرورة الانغلاق على الذات في عالم بات أشبه بقرية كونية صغيرة بفعل ما أفرزته ثورة الاتصالات والمعلومات بموجاتها المتلاحقة.
وأضاف سعادة الدكتور جمال سند السويدي أن العلاقة بين الإعلام والهوية الوطنية تمثل نموذجا للعلاقات التفاعلية في المجتمع فبقدر ما يؤثر الإعلام بوسائله المختلفة في الهوية الوطنية يتأثر في المقابل بمكونات هذه الهوية ومفرداتها ومقوماتها فضلا عن كون الإعلام بوسائله وأدواته المختلفة يلعب دورا نشطا كوسيط يحفظ مكونات الهوية ويسهم في نشرها وتعميقها بين الأجيال الجديدة.
وأكد أن رسوخ منظومة القيم والمعتقدات والأفكار والسلوكيات المعبرة عن الهوية الوطنية .. يمنح الإعلام سمات متفردة ويوفر أمامه مساحات للانطلاق والتواصل مع المجتمع المحلي بفاعلية بما يتيح للإعلام بلورة رسالة معبرة عن الوطن وخصوصياته الثقافية والحضارية بالشكل الذي يجعل منه في حالات كهذه وسيلة حقيقية للتفاعل والتواصل الحضاري بين الدول والمجتمعات.. لافتا أن الإعلام بوسائله كافة يعد واجهة المجتمعات والمرآة الحقيقية التي تعكس منظومة القيم السائدة في هذه المجتمعات.
وقال إذا كنا نحرص على التفاعل مع الآخر فبالدرجة نفسها من الحرص نسعى إلى تقديم مكونات هويتنا الوطنية وتعريف الآخر بها سواء كان هذا الآخر يعيش بيننا داخل الوطن أو في العالم من حولنا .. إضافة إلى دور الإعلام الأصيل في تناقل مكونات الهوية الوطنية ونشرها بين أجيالنا الجديدة بما يعني أنه يوفر في حقيقة الأمر قنوات للتواصل الحضاري كما يوفر أسيجة حصينة لحماية الذات الوطنية من الانجراف والذوبان وسط موجات العولمة العاتية “.
وأشار سعادة مدير عام “مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية” إلى أنه إذا كنا نؤكد أهمية الدور الذي تضطلع به مؤسسات التنشئة المجتمعية كافة في الحفاظ على الهوية الوطنية فإن الإعلام تقع عليه المسؤولية الأضخم والأخطر من بين هذه المؤسسات باعتباره الأداة الأكثر تأثيرا خصوصا لدى الأجيال الناشئة وفي ظل الطفرات المتلاحقة في مجال الإعلام الجديد وبروز أنماط جديدة ووسائط إعلامية لا حدود متوقعة لتأثيرها الطاغي في أبنائنا.
وأوضح أنه لتلك الأسباب تتعاظم المسؤولية الملقاة على كاهل إعلامنا الوطني لمواجهة تحديات حماية هويتنا الوطنية وخصوصياتنا الثقافية عبر تطوير آليات عمله وتقديم منتج إعلامي تنافسي نابع من هذه الأرض ومعبرا عن أبنائها وفق استراتيجيات واضحة المعالم تتخذ من التخطيط منهجا لصياغة مستقبل إعلام وطني متطور بشكل يضاهي التطور الذي تشهده دولة الإمارات في بقية قطاعات التنمية.
ولفت السويدي النظر إلى أن تطور صناعة الإعلام في الآونة الأخيرة يفرز تحديات ضخمة ليس على صعيد مواكبة التطور العالمي الحاصل في هذا القطاع الحيوي فقط ولكن على صعيد الحفاظ على الهويات والثقافات الوطنية وصونها من ضغوط هائلة تمارس عليها على مدار الساعة. وأضاف أنه لذلك تتزايد قيمة النقاشات التي يتضمنها ملتقى ” الإعلام والهوية الوطنية ” كونها تسهم في تكريس قواعد المعادلة الدقيقة القائمة على وضع الضوابط للتفاعل مع موجات العولمة بشتى تجلياتها وهو الأمر الذي تحرص عليه دولة الإمارات كونه جزءا لا يتجزأ من مواكبة حركة التقدم والتطور العالمي في المجالات كافة .. داعيا إلى مواصلة التمسك بخصوصياتنا الثقافية وهويتنا الوطنية.
وقال إن هناك جهودا كثيرة تبذل ورؤى عميقة تطرح منذ إطلاق المبادرة الكريمة لصاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة ” حفظه الله ” بإعلان عام 2008 عاما لتكريس الهوية الوطنية..وأوضح أن التحديات التي تواجه هويتنا تتطلب مزيدا من الجهد على هذا الصعيد وهي تحديات تواجه دول العالم كافة .. مشيرا إلى أن مصطلح ” أزمة الهوية ” أصبح موضع نقاش عالمي داخل الدوائر البحثية والعلمية كافة وأننا في دولة الإمارات لسنا استثناء من ذلك باعتبار أن هويتنا الوطنية هي تعبير عن وجودنا وقيمنا وعاداتنا وتقاليدنا ولغتنا إضافة إلى كونها تمثل كينونة المجتمع والدولة في آن واحد.
وأكد السويدي في ختام كلمته أن النقاشات والأبحاث والدراسات والمقترحات ووجهات النظر التي تطرحها جلسات هذا الملتقى توفر مداخل وفرصا جديدة لبلورة صيغ متطورة للأدوار المنوطة بالإعلام في مجال الحفاظ على الهوية الوطنية.