شهد صاحب السمو الشيخ سعود بن راشد المعلا عضو المجلس الأعلى حاكم أم القيوين والفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة المحاضرة التي ألقاها فضيلة الشيخ صالح بن عواد المغامسي العالم الإسلامي البارز وإمام وخطيب مسجد قباء بالمدينة المنورة، ومدير مركز وبحوث ودراسات المدينة المنورة، بعنوان ” من أعلام القرآن ” مساء أمس الأول بمجلس سموه في قصر البطين بأبوظبي .
حضر المحاضرة سمو الشيخ عمار بن حميد النعيمي ولي عهد عجمان، والفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، وسمو الشيخ نهيان بن زايد آل نهيان رئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، وسمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، والشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التعليم العالي والبحث العلمي، والشيخ حمدان بن مبارك آل نهيان وزير الأشغال العامة، وبوب كار وزير الخارجية الأسترالي، وعدد من الشيوخ وكبار الشخصيات والوزراء وأعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين .
في بداية المحاضرة أشاد فضيلة الشيخ صالح بن عواد المغامسي باهتمام ورعاية الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، للعلم واحتفاءه بالفكر وإدراكه السبل المثلى لقضاء ليالي رمضان، شاكراً لسموه هذا الاهتمام قائلاً أتشرف بأن أكون في هذه الليلة المباركة ضيفاً ومحاضراً في مجلس سموه، فما أجمل أن يفيء الناس إلى العلم والفكر والتربية بعد أن أخذوا حظاً من العبادة، وقاموا بين يدي ربهم جلّ وعلا في صلاة التراويح .
وركز في محاضرته على خمسة محاور وهي ذكر أعلام القرآن الكريم من الملائكة والرسل وبعض الصالحين، وبعض ما ذكر عن هؤلاء الأعلام، وشخصية سيدنا إبراهيم الخليل ” عليه السلام ” وشخصية نبي الله سليمان ” عليه السلام ” وشخصية السامري .
وأضاف أن سيدنا إبراهيم عليه السلام أبو الأنبياء وتنسب إليه الملة، وجعل الله نوح أول الرسل وكتب لذريته أن تبقى، فكان نوح الأب الثاني للبشرية، وخليل الله إبراهيم عليه السلام وهو ثاني أولي العزم من الرسل قال الناظم:
أولوا العزم نوح والخليل المجد موسى وعيسى والحبيب محمد
والجد الأكبر لرسولنا محمد صلى الله عليه وسلم، الذي قال: ” وأنا أشبه ولده به ” وشخصية إبراهيم تبنتها الأمم كلها لعظمة شخصيته فالكل يريد أن ينتسب إليه، ويزعم أنه ينتمي إلى شخصيته، قال تعالى ” وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر ” والعلماء اختلفوا هل آزر هو أبوه لصلبه أم أن المراد عمه، والظاهر أنه أبوه لدلالة السنة على ذلك، وإبراهيم عليه السلام كان رجلاً جامعاً لصفات الخير قال تعالى ” إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين ” تتجلى في هذه الآية أعظم مناقب إبراهيم عليه السلام، وأعظم ما فيه إقباله بقلبه على الله وحياؤه من ربه وسرعة استجابته لأمره فمن جعل قلبه لله فاز وأصلح .
وقال المغامسي إن الله ابتلى سيدنا إبراهيم عليه السلام بأن يذبح ابنه، والابن لم يتعامل مع أبيه على أنه والده وإنما على أنه نبي الله وقال له، افعل ما تؤمر وليس افعل ما تريد، لأنه نشأ على أن يقبل بقلبه على الله، ولما فاز سيدنا إبراهيم بهذا البلاء ابتلاه الله بأن يلقى في النار، قال تعالى “قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم” هذا من إكرام الله وإجلاله لهذا الخليل المجيد عليه السلام، اذ تولى الله نصرته بنفسه، وقد ألقى في النار عرياناً، وخرج من النار يمشي، فنجاه الله منها، ولهذا ثبت في الأحاديث الصحيحة أن إبراهيم أول من يكسى من الخلائق يوم القيامة، وهذا كله تلحظ في شخصية إقباله على الله والرفق بالناس والرقة في القلب .
وأوضح أن حكمة إبراهيم عليه السلام تجلت في أنه يعامل كل قوم بما يليق بهم، فنراه يكسر الأوثان ويقول لمن يعبدها ” بل فعله كبيرهم هذا ” في حين انه عندما جادل عبدة الكواكب تغير خطابه ” قال هذا ربي هذا أكبر ” ودلهم على عمل الخير بقدرته، وإبراهيم عليه السلام راعى اختلاف الوضع، ومنّ الله على إبراهيم أن بنى بيت الله أي الكعبة ودعا الله، واستجاب الله لدعائه بعد 3 آلاف عام بأن كان من دعائه بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، مؤكداً أنه لا توجد تجارة رابحة أعظم من التعامل مع الله .
أما العلم الثاني فهو نبي الله سليمان عليه السلام، حيث ذكر اسمه في القرآن في ست عشرة آية وهو ابن نبي الله داوود عليه السلام، وقد آتاه الله ملكاً عظيماً، ومن مظاهر ذلك الملك تسخير الجن له، وعلم منطق الطير، وقد دعا الله فاستجاب له، إلا أننا نلحظ أنه في دعائه قدم شأن الآخرة على الأولى ” قال رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي “.
وقال المغامسي لا ينبغي لعاقل أن يتبنى أمراً ثم يهمله، والعذاب على قدر الذنب لا على قدر الجسد، وعقل الرجل يعرف من كتابه وأما برسوله الذي يبعث وأما بالهدية التي يعطيها، والنية كلما صدقت وخلصت كان ذلك عظيما عند الله والنية إذا بنيت على صلاح وخير ولايكون فيها طمع يصلح الله لصاحبها .
وأوضح أن العلم الثالث هو السامري وهو أحد أفراد بني إسرائيل، وكان ممن نجا مع نبي الله موسى وعمد إليه فتنة بني إسرائيل لما ذهب موسى عليه السلام لميقات ربه، حيث مكث في أرض التيه 40 عاماً قبل أن يموت .
وأضاف لقد عمد السامري، هذا الضال، إلى أن قبض قبضة من أثر فرس جبريل، ثم خلطها بما في أيدي بني إسرائيل من الذهب والفضة، فأخرج له عجلاً جسداً له خوار، ثم قال زوراً وبهتاناً وظلماً ” هذا إلهكم وإله موسى ” تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً، ومما يتوقف عنده الفكر: كيف عامل موسى هذا الضال؟ ” اذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس ” وكثير يرى أن هذا لا يناسب الذنب ولا يناسب شخصية موسى عليه السلام، فلم كان هذا؟
وقال المغامسي لا ريب إنه لحكمة لم تبلغها افهامنا، ولكن يمكن أن يقال إنه ربما أن يكون السامري له علاقة بالدجال الذي يخرج آخر الزمان، إن لم يكن هو نفسه لكن لا نملك أثراً صحيحاً في هذا الظن، والسامري شخصية غير عادية وهي شخصية تبرز أشياء النوازغ الشيطانية فيها أكبر .
المغامسي: بر الوالدين من أعظم الطاعات
أشاد فضيلة الشيخ صالح بن عواد المغامسي بالجهود التي تبذلها الإمارات وأبوظبي في تقديم المساعدات بكافة أشكالها للمحتاجين .
وقال إن نسبة كبيرة ممن يقدم من بلاد غير المسلمين إلى أبوظبي، يطلب المساعدة والمال، ويحصل على المال ويعود بالإيمان، والله يهدي بنوره من يشاء .
وقال في معرض رده على سؤال حول هل من نصيحة لبر الوالدين إن بر الوالدين من أعظم القربات وأعظم الطاعات، وأمرنا الله أن نرحمهما، وبين لنا الله سبحانه وتعالى أن رحمتنا لهما ستنتهي وتموت مع موتهما لذلك دعا الله سبحانه وتعالى ابن آدم لأن يدعو الله لأن يرحم والديهما . وأوضح رداً على سؤال آخر حول هل إبليس من الملائكة قائلاً إبليس ليس من الملائكة وإبليس من الجن، وإبليس قبل أن يخلق الله آدم كان له عبادات عظيمة وارتقى مع الملائكة، ولما دعا الله الملائكة للسجود لآدم للتحية امتنع وتكبر إبليس .
المحاضر في سطور
فضيلة الشيخ صالح المغامسي عالم إسلامي بارز وهو إمام وخطيب مسجد قباء بالمدينة المنورة ومحاضر في المعهد العالي للائمة والخطباء بجامعة طيبة إضافة إلى عمله مديراً عاماً لمركز البحوث، وتم اختياره أميناً عاماً لاختيار المدينة المنورة عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 310_D ويحمل شهادة البكالوريوس في اللغة والتربية من جامعة الملك عبد العزيز .
يشارك فضيلة الشيخ المغامسي سنوياً في حلقات العلم التي تقام في الجامع الكبير بالرياض، بحضور مفتي عام المملكة العربية السعودية الذي يعلق عادة على المحاضرة، ويقدم خلال شهر رمضان ومنذ أربعة أعوام برنامجاً في التفسير عنوانه ” مع القرآن “، وأسندت إليه في العام 1428 هجرية إدارة مركز وبحوث ودراسات المدينة المنورة، وشارك في العديد من المؤتمرات، وألقى العديد من المحاضرات في العديد من الجامعات والمؤسسات الفكرية والعلمية .